تخريج قول الله تعالى " إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ"
***
اختلف
النحاة والمعربون في توجيه كون المثنى بالألف بعد " إن " في قول الله
تعالى ﭽ ﯭ ﯮ ﯯ
ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ
ﯵ ﯶ ﯷ
ﯸ ﯹ ﭼ([1])
و الباقولي يرى أنها على قياس المثنى ؛ ولا
يرى أبو البقاء ذلك ، وخرجها على لغة لبعض العرب .
يقول
الباقولي : " قوله ﭽ ﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ ﯱ
ﯲ ﯳ ﯴ
ﯵ ﯶ ﭼ ولم يقل : هذين جرياً على القياس الذي يقتضيه باب
اتلتثنية من إقرار الألف في موضع النصب والجر وترك قلبها ياء ، لما كان الألف حرف
إعراب ، مثلها في رحا وعصا ، فكما أن الألف في رحا وعصا ألف في الأحوال كلها أقرت
ألفاً هنا أيضاً لأن الألف ههنا حرف إعراب كما وه
كذلك هناك .
ومن قال
" إن هذين " جرى على الاستعمال الذي جاء به كلامهم من قلب الألف ياء في
النصب والجر ، وإنما قلبوها ياء حرصاً على البيان بخلاف المفرد ، لأن المفرد لا يجب
قلبها ياء لما يتبع المفرد من التوابع فيوضحه ويبينه ، ألا ترى أنك إذا قلت : ضرب
موسى عيسى ، وجب أن يكون موسى فاعلاً وعيسى مفعولاً ، فإذا قدمت المفعول وقلت :
ضرب عيسى موسى ، لم يجز كما جاز : ضرب عمراً زيد لأنه يشتبه الفال بالمفعول إذا
قلت : ضرب عيسى العاقلَ موسى العاقلُ ، أو ضرب عيسى نفسَه موسى نفسُه ، أو ضرب
عيسى وزيداً موسى ، وهذا المعنى لا يتأتى في التثنية لو قلت : ضرب الزيدان العمران
، وكان الزيدان مفعولين لم يجز ، فإن وصفتهما قلت : ضرب الزيدان العاقلان العمران
، لم يتضح كما اتضح في المفرد ، فلم يكن إلى ذلك سبيل بتة إلا بقلب الألف ياء ،
فقالوا : ضرب الزيدين العمران ، فلهذا جاء الاستعمال في التثنية بقلب الألف ياء
على خلاف ما يقتضيه القياس .
ومن قال
" إنْ هذان لساحران " كان كقوله ﭽ وَإنْ ﭾﭿ
ﮀ ﭼ([2]) خفف " إنَّ " وأدخل اللام ليتبين من النافية
في نحو قوله ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ
ﯘ ﯙ ﭼ([3])
وأما ما
قيل من أن التقدير في " إنَّ " هذان إنه هذان ، و" إنَّ "
بمعنى " نعم " فهما قولان فاسدان ، لأنه يقتضي دخول اللام في خبر
المبتدأ " ([4])
ويقول أبو البقاء : " قوله تعالى " إن هذان " يقرأ
بتشديد إن وبالياء في "هذين " وهي علامة النصب ، ويقرأ " إنَّ
" بالتشديد ، وهذان بالألف ، وفيه أوجه – أحدها
: أنها بمعنى " نعم " وما بعدها
مبتدأ وخبر . والثاني : " إن " فيها ضمير الشأن محذوف وما
بعدها مبتدأ وخبر أيضاً ، وكلا الوجهين ضعيف من أجل اللام التي في الخبر ، وإنما يجيء
مثل ذلك في ضرورة الشعر ، وقال الزجاج التقدير : لهما ساحران فحذف المبتدأ . والثالث : أن الألف هنا علامة التثنية في كل حال ، وهي لغة لبني
الحرث وقيل لكنانة . ويقرأ" إن " بالتخفيف ، وقيل هي مخففة من الثقيلة وهو
ضعيف أيضاً ، وقيل هي بمعنى " ما " واللام بمعنى إلا "([5])
قوله تعالى ﭽ ﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ ﭼ قرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائى " إنَّ " مشددة
النون "هذانِ " بألف خفيفة النون ؛ وقرأ ابن كثيرٍ وحدَه "إنْ هذانِّ"
بتخفيف إنْ والألفِ ، وتشديدِ النون . وروى حفص عن عاصم كذلك إلاَّ أنه خَفَّف نونَ
"هذانٍ" ؛ وقرأ أبو عمرو وحده " إنَّ " مشددة النون هذين بالياء([7]).
فأَمَّا قراءةُ ابنِ كثير وحفص عن
عاصم فأوضحُ القراءاتِ معنىً ولفظاً وخَطَّاً ؛ وذلك أنها "إنْ" المخففةَ
من الثقيلة فَأُهْمِلَتْ ، ولَمَّا أُهْمِلَتْ خِيْفَ التباسُها بالنافية فجيء باللامِ
فارقةً في الخبر. فـ"هذان" مبتدأٌ ، و"لَساحران" خبرُه، ووافَقَتْ
خَطَّ المصحف ([8]).
وأمَّا تشديدُ نونِ "هذان"
فوجهُها جعل إحدى النونين عوضاً من الياء المحذوفة التي كان ينبغي أن تبقى ، وذلك أن
"الذي" مثل "القاضي" ، و"القاضي" تثبت ياؤه في التثنية
، فكان حقُّ ياء " الذي والتي " أن تثبت في التثنية ولكنهم حَذَفُوها : إمَّا
لأنَّ هذه تثنيةٌ على غيرِ القياسِ ، لأنَّ المبهماتِ لا تُثَنَّى حقيقةً ، إذ لا يثنى
إلا ما يُنَكَّر، والمبهمات لا تنكر ، فجعلوا الحذفَ مَنْبَهَةً على هذا . وإمَّا لطولِ
الكلامِ بالصلةِ ([9]).
وأمَّا قراءةُ أبي عمروٍ "
إنَّ هذين " فواضحةٌ لا إشكال فيها
أيضاً .
وإنما الإشكال في قراءة "
إن َّ هذانِ لساحران " من حيث مجئ المثنى – وهو اسم إنَّ " في الظاهر –
بالألف :
وللنحاة
فيها اتجاهان :
الاتجاه الأول : يرى أن هذه القراءة جاءت على قياس المثنى –
وإن قل استعماله – وأن إبدال ألف المثنى في حالتي النصب والجر ياء خلاف القياس –
وإن كثر استعماله – .
ذهب
الباقولي هذا المذهب وشرحه وعلل له ووضحه بقوله : " ... ولم يقل : هذين جرياً
على القياس الذي يقتضيه باب التثنية من إقرار الألف في موضع النصب والجر وترك قلبها
ياء ، لما كان الألف حرف إعراب ، مثلها في رحا وعصا ، فكما أن الألف في رحا وعصا
ألف في الأحوال كلها أقرت ألفاً هنا أيضاً لأن الألف ههنا حرف إعراب كما هو كذلك
هناك "([10])
يعني يعامل
المثنى معاملة المقصور ؛ وهذا الذي ذكره الباقولي له أصل في كلام الزجاج حيث يقول
: " ... لأن حق الألف أن تدل على الاثنين ، وكان حقها ألا تتغير كما لم تتغير
ألف " رحا وعصا ، ولكن نقلها إلى الياء في النصب والخفض للتمييز بين المرفوع
والمنصوب والمجرور "([11])
أما كون
قلب الألف ياء للتمييز بين المرفوع والمنصوب والمجرور فقد بينه الباقولي وفصل
القول فيه إذ يقول : " ومن قال " إن هذين " جرى على الاستعمال الذي
جاء به كلامهم من قلب الألف ياء في النصب والجر ، وإنما قلبوها ياء حرصاً على
البيان بخلاف المفرد ، لأن المفرد لا يجب قلبها ياء لما يتبع المفرد من التوابع
فيوضحه ويبينه ، ألا ترى أنك إذا قلت : ضرب موسى عيسى ، وجب أن يكون موسى فاعلاً
وعيسى مفعولاً ، فإذا قدمت المفعول وقلت : ضرب عيسى موسى ، لم يجز كما جاز : ضرب
عمراً زيد لأنه يشتبه الفال بالمفعول إذا قلت : ضرب عيسى موسى ، فتوضحه حين تصفه
أو تؤكده أو تعطف عليه فقلت : ضرب عيسى العاقلَ موسى العاقلُ ، أو ضرب عيسى نفسَه
موسى نفسُه ، أو ضرب عيسى وزيداً موسى ، وهذا المعنى لا يتأتى في التثنية لو قلت :
ضرب الزيدان العمران ، وكان الزيدان مفعولين لم يجز ، فإن وصفتهما قلت : ضرب
الزيدان العاقلان العمران ، لم يتضح كما اتضح في المفرد ، فلم يكن إلى ذلك سبيل
بتة إلا بقلب الألف ياء ، فقالوا : ضرب الزيدين العمران ، فلهذا جاء الاستعمال في
التثنية بقلب الألف ياء على خلاف ما يقتضيه القياس "([12])
إذاً فبقاء
المثنى بالألف مطلقاً هو القياس ، وقلب ألفه ياءً على خلاف القياس عند الباقولي .
اختار ابن
هشام كون لزوم المثنى الألف هو الأقيس ، وبنى رأيه هذا على ما نقله عن ابن الحاجب
وغيره من أن المثنى مبني لا معرب :
وابن
الحاجب يقول : " وهي([13])
مبنية كلها عند المحققين لاحتياجها إلى معنى الإشارة كاحتياج المضمر إلى التكلم
والخطاب وتقدم الذكر ... "([14]) ؛
ثم مضى ابن الحاجب يحتج لما رجحه من كون أسماء الإشارة كلها مبنية ([15]).
نقل ابن هشام ذلك وبنى عليه
اختيار كون قراءة " إنَّ هذان لساحران " أقيس ، يقول : " وقيل هذان
مبني لدلالته على معنى الإشارة ، وإن قول الأكثرين " هذين " جرا ونصبا ليس
إعرابا أيضا ، واختاره ابن الحاجب . قلتُ
: وعلى هذا فقراءة " هذان " أقيس إذ الأصل في المبني ألا تختلف صيغه ، مع
أن فيها مناسبة لألف " ساحران "([16])
الاتجاه الثاني : أن القياس في المثنى هو أن يكون بالياء في
حالتي النصب والجر ، وأن قراءة " إنَّ هذانِ لساحرانِ " جاءت على غير
القياس ؛ ثم ذهبوا في توجيهها إلى أربعة مذاهب :
المذهب الأول :
ذهب بعض النحاة إلى أن " إنَّ
" فيه بمعنى " نَعَم " وأن " هذان " مبتدأ و"
لساحران " خبره .
مجئ " إنَّ " بمعنى
" نَعَم – أو أجَل " أثبته كثير من النحويين([17])،
يقول سيبويه : " وأما قول العرب في الجواب
" إنَّه " فهو بمنزلة " أجَل " وإذا وصلت قلت إنَّ يا فتى ، وهي التي بمنزلة أجل
، قال الشاعر :
بَكَرَ العَواذلُ
في الصَّبوحِ ** يَلُمْنَنِي وألومُهُنَّهْ
والهاء في " إنهْ "
للسكت ، ويحتمل أن تكون ضميراً في محل اسم " إن " فتكون مؤكدة لا بمعنى
" نعم "([19])
ومما احتُجّ به لمجئ "
إنَّ" بمعنى " نعم " أيضاً قول ابن الزبير رضي الله عنه لمن قال له
: لعن الله ناقة حملتني إليك ، فقال له : إنَّ
وراكبها . أي نعم ولعن راكبها([20])
. إذ لا يجوز حذف الاسم والخبر جميعا([21]) .
احتُجّ أيضاً بقول الشاعر :
قالوا غَدَرْتَ فقلتُ إِنَّ وربما ** نالَ المُنَى وشَفَى
الغليلَ الغادرُ([22])
وقد عزا المرادي وابن هشام إلى
أبي عبيدة منع مجئ " إنَّ " بمعنى " نعم "([23])
ولكن أبا عبيدة نص على جواز ذلك ، يقول : " ... فكان مجازه " إنّ هذان لساحران
" مجاز كلامين ، مخرجه : إنه أي نعم ، ثم قلت : هذان ساحران "([24])
وقد خرج بعض المعربين على هذا
قراءة " إنَّ هذان لساحران "([25])
؛ وعُزي ذلك
أما الزجاج فقد خرج الآية على
ذلك واستحسنه ونقل عن المبرد وإسماعيل بن إسحاق استحسانه فقال : " والذي عندي
– والله أعلم – وكنت عرضته على عالِمَيْنا – محمد بن يزيد وعلى إسماعيل بن إسحاق
بن حماد بن زيد القاضي فقبلاه وذكرا أنه أجود ما سمعاه في هذا ، وهو " أنَّ
" قد وقعت موقع " نعم " وأن اللام وقعت موقعها ، والمعنى : هذان
لهما ساحران "([28])
وقد اعترض أبو علي الفارسي وابن
جني ومكي بن أبي طالب وابن عصفور وغيرهم ([29])على
هذا المذهب بأمرين – أحدهما : أن مجئ " إنَّ " بمعنى " نعم
" شاذ. الثاني : أن اللام لا تدخل في خبر المبتدأ .
ذكر ابن هشام ذلك وعلق عليه
بقوله : " وأجيب عن هذا بأنها لام زائدة
وليست للابتداء أو بأنها داخلة على مبتدأ محذوف أي لهما ساحران أو بأنها دخلت بعد إن
هذه لشبهها بإن المؤكدة لفظا ... ويضعف الأول أن زيادة اللام في الخبر خاصة بالشعر
. والثاني أن الجمع بين لام التوكيد وحذف المبتدأ كالجمع بين متنافيين "([30])
ويقول ابن عصفور : " وكذلك لا
ينبغي أن تجعل اللام في هذا الوجه داخلة على مبتدأ محذوف ويكون التقدير إذ ذاك : إنَّ
هذانِ لهما ساحرانِ ، فتكون الجملة من قوله " لهما " في موضع خبر المبتدأ
الذي هو " هذان " ، و"إنَّ " بمعنى " نَعَمْ " ، لأنَّ
في هذا الوجه أيضاً إثباتَ إنَّ بمعنى نَعَمْ ، وذلك لم يستقر . وحذف المبتدأ وإدخال
لام التأكيد ، وذلك غير جائز ، لأن التأكيد من موضع الإطالة والإسهاب ، فيناقضه الحذف
والاختصار "([31])
وقد ذكر أبو البقاء هذا المذهب
وردَّه أيضاً بوجود اللام في الخبر .
المذهب الثاني :
أن " إنَّ " في الآية الكريمة
مؤكدة ، وأن اسمها ضمير الشأن مقدر ، و" هذان لساحران " جملة من مبتدأ
وخبر في محل اسم " إنَّ "([32])
وهذا فيه ادعاء الحذف وهو خلاف
الأصل ، ثم هو ضعيف لأن الموضوع لتقوية الكلام لا يناسبه الحذف وأن المسموع من حذفه
شاذ ، ويردّ كذلك بكونه يؤدي إلى
دخول اللام في خبر المبتدأ ([33])
.
المذهب الثالث :
ذهب كثير من النحويين إلى تخريج
" إنَّ " هذان لساحران " على لغة بعض العرب ، حيث يجعلون المثنى
بالألف في أحواله الثلاثة : الرفع والنصب والجر ، فيقولون هذان رجلان ، ومررت برجلان
، وقبض منه درهمان .
ذكر ابن مالك هذه اللغة وخرج
عليها الآية الكريمة وزاد عزوها إلى بني الهجيم وبني العنبر([36])
.
اختار أبو البقاء تخريج الآية
على هذه اللغة ؛ حيث ذكر
وجهين وضعفهما – كما سبق – ، ثم ذكرها ولم يتعرض لها بالتضعيف .
ممن اختار تخريج الآية على هذه
اللغة أيضاً الزمخشري وأبو البركات الأنباري وابن يعيش وابن عصفور وأبو حيان([37])
.
يقول ابن عصفور : " ... فالذي
ينبغي أن يحمل عليه أن يكون (هذانِ) اسم إِنَّ على لغة بني الحارث بن كعب الذين يجعلون
التثنية بالألف على كل حال ، وتكون اللام : لام إِنَّ ، وساحران الخبر "([38])
ويقول أبو حيان : " والذي نختاره
في تخريج هذه القراءة أنها جاءت على لغة بعض العرب من إجراء المثنى بالألف دائماً وهي
لغة لكنانة حكى ذلك أبو الخطاب ، ولبني الحارث بن كعب ... "([39])
ومما ورد بهذه اللغة من الشواهد
قول الشاعر :
فأَطْرَق إطْراقَ الشُّجاعِ ولو يَرَى ** مَسَاغاً
لِناباه الشُّجاعُ لصَمَّما([40])
فقال : لناباه ، ولم يقل :
لنابيه . وقول الآخر :
إنَّ أباها وأبا أباها ** قد بَلَغا في المجدِ غايتاها([41])
فقال : غايتاها ، ولم يقل
غايتيها .
تزوَّدَ منّا بين أُذْناه ضَربةً ** دَعَتْه إلى هابي التُّراب
عقِيم([42])
فقال أذناه ، ولم يقل : أذنيه .
المذهب الرابع :
أجاز الفراء أن تكون النون زيدت
للتثنية وأن الألف تركت على حالها في الرفع والنصب والجر كما فعلوا في " الذي
" حين أرادوا جمعه فقالوا " الذين " فزادوا نوناً وتركوا ياء
" الذي " على حالها .
يقول الفراء " والوجه الآخر([43]) أن
تقول : وجدت الألف من " هذا " دِعامة وليست بلام فعل ، فلمَّا ثنَيت زدت
عليهَا نوناً ثم تركت الألف ثابتة على حالها لا تزول على كلّ حال ؛ كما قالت العرب
(الذى) ثم زادوا نوناً تدلّ عَلَى الجِمَاع ، فقالوا: الذين ، فى رفعهم ونصبهم وخفضهم
كما تركوا (هذان) فى رفعه ونصبه وخفضه "([44])
تعقيب
وبعد ؛
فهذه أقوال النحاة والمعربين في قول الله تعالى ﭽ ﯮ
ﯯ ﯰ ﭼعلى قراءة "
إنَّ هذان "
والذي
يترجّح لديّ أن " إنَّ " فيها مؤكدة ، لا بمعنى " نَعَم " ،
لا من قبيل عدم ثبوت ذلك إذ مجئ " إنَّ " بمعنى " نعم " وارد
ثابت ، فقد نقله العلماء الأثبات ونقلة اللغة كما سبق ، ولكن من قبيل أن تتوافق
هذه القراءة مع قراءتيْ " إنْ هذان " ، و " إنَّ هذين " إذ
الأصل توافق القراءات .
أما تخريج
هذه القراءة فالذي يبدو راجحاً حملها على لغة من يجعل المثنى بالألف مطلقاً كما
ذهب إلى ذلك كثير من النحاة – وعليه أبو البقاء – فهذا هو الأقرب مأخذاً والأبعد
عن التأويل .
6) من مصادر الدراسة : الكتاب لسيبويه 3 / 151 ،
ومعاني القرآن للفراء 2 / 184 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 2 / 21 – 22 ، ومعاني
القرآن للأخفش 2 / 444 ، والمقتضب للمبرد 2 / 361 ، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج
3 / 295 ، والأصول لابن السراج 2 / 383 ، وإعراب القرآن للنحاس 3 / 44 ، وحروف
المعاني للزجاجي صـ 56 ، والحجة للقراء السبعة لأبي علي الفارسي 2 / 72 ، والإغفال
لأبي علي أيضاً 2 / 409 ، وسر صناعة الإعراب لابن جني 1 / 380 ، علل التثنية لابن
جني صـ 78 ، ومشكل إعراب القرآن 2 / 466 ، وأمالي ابن الشجري 2 / 42 ، والإيضاح في
شرح المفصل لابن الحاجب 1 / 479 ، وشرح الجمل لابن عصفور 1 / 445 ، وشرح التسهيل
لابن مالك 1 / 63 ، وشرح الكافية للرضي 4 / 440 ، ورصف المباني للمالقي صـ 124 .
15) وهذا الذي ذهب إليه ابن الحاجب
رجحه أيضاً ابن يعيش ؛ حيث نقل في " ذان – وتان " من أسماء الإشارة
ثلاثة مذاهب أحدها : أنها تثنية صناعية كـ " الزيدان والمحمدان "
الثاني : أن النون في
" هذان وهذين " عوض من الألف الأصلية حين حذفت في التثنية لالتقاء
الساكنين . الثالث : أن صيغ الإشارة كلها مبنية . وصحح هذا المذهب الثالث قائلاً :
" ... وهو الصواب ، ألا ترى أن حال أسماء الإشارة بعد التثنية على حد ما كانت
عليه قبل التثنية ، وذلك نحو قولك : هذان الزيدان قائمين ، فتنصب " قائمين
" على الحال بمعنى الفعل الذي دل عليه الإشارة والتنبيه كما كنت تنصب في
الواحد نحو : هذا زيد قائماً ... " شرح المفصل لابن يعيش 2 / 84 – 85 .
وتعرض الرضي لذلك وذكر أن القول ببنائه هو قول
الأكثرين ، ورجح كونه معرباً لاختلاف آخره باختلاف العوامل ، وأن ادعاء أن كلاً من
" ذان – وذين " صيغة مستأنفة خلاف الظاهر ؛ وذكر أنه لم يبن شئ من المثنى لأنهم قصدوا أن تجري
أصناف المثنى على نهج واحد ؛ يراجع شرح الكافية للرضي 3 / 78 ، ويراجع أيضاً توضيح
المقاصد للمرادي 1 / 407 .
هذا ؛ وقد ذكر ابن جني أن "
هذان " صيغة مرتجلة وليست تثنية " هذا " يقول : " لا ينبغي أن يشك في أن "هذان "
ليس تثنية " هذا " وإنما هو اسم صيغ ليدل على التثنية كما صيغ " أنتما
وهما " يدل كل واحد منهما على التثنية وهو غير مثنى على حد : زيد و زيدان . ألا
ترى أن أسماء الإشارة والأسماء الموصولة جارية مجرى الأسماء المضمرة في أن كل واحد
منهما لا يجوز تنكيره ولا خلع تعريفه عنه " علل التثنية صـ 78 .
18) الكتاب 3 / 151 ؛ والبيتان
من مجزوء الكامل وهما لعبيد الله بن قيس الرقيات في ديوانه صـ 66 ؛ وهما من شواهد
اللمع لابن جني صـ 43 ، وسر صناعة الإعراب 2 / 492 ، وشرح المفصل لابن يعيش 2 / 87
، والبيت الثاني من شواهد معاني القرآن وإعرابه للزجاج 3 / 295 ، والأصول لابن
السراج 2 / 383 ، وحروف المعاني للزجاجي صـ 56 ، شرح الكافية للرضي 4 / 440 ، ورصف
المباني للمالقي صـ 124 ، والجنى الداني صـ 399 ، ومغني اللبيب صـ 50 .
والشاهد في " فقلت إنَّه " فقد جاءت
" إنَّ " بمعنى أجل .
22) البيت من الكامل ، وهو
لمسعود بن عبد الله الأسدي في محاضرات الأدباء للراغب الأصفهاني 1 / 358 ،
والتذكرة الحمدونية 3 / 37 ، وقبله :
سائل بني يربوع إن لاقيتهم ** عن ضيفهم يخبرك منهم خابر
وهو
من شواهد إعراب القرآن للنحاس 3 / 44 ، وأمالي ابن الشجري 2 / 42 ، وشرح المفصل
لابن يعيش 2 / 88 ، وخزانة الأدب 11 / 225 ، والمعجم المفصل في شواهد اللغة
العربية 3 / 240 ؛ والشاهد فيه مجئ " إنَّ " حرف جواب بمعنى " نعم
" .
40) البيت من الطويل وهو
للمتلمس في ديوانه صـ 34 وفيه " لنابيه " وعليه فلا شاهد في البيت ،
والبيت بالرواية المذكورة من شواهد تهذييب اللغة للأزهري 12 / 90 ، وسر صناعة
الإعراب 2 / 704 ، وشرح المفصل لابن يعيش 2 / 86 ، وشرح التسهيل لابن مالك 1 / 63
، ولسان العرب ( صمم ) وشرح الأشموني 1 /
143 ، وخزانة الأدب 7 / 425 .
وقوله : لصمما أي : عض ونيب ، يراجع حاشية الصبان على شرح الأشموني 1 /
143.
والشاهد
في قوله " لناباه " فقد جاء بالألف على لغة من يجعل المثنى بالألف في
جميع أحواله .
41) رجز منسوب لرؤبة بن
العجاج ، وهو في ملحق ديوانه صـ 168 ، وهو من شواهد سر صناعة الإعراب 2 / 705 ،
وشرح المفصل لابن يعيش 2 / 86 ، وشرح الكافية للرضي 3 / 414 ، وتو ضيح المقاصد
للمرادي 1 / 318 ، ومغني اللبيب صـ 51 ، شرح الأشموني 1 / 131 ، وهمع الهوامع 1 /
147 .
و المجد : الشرف ، والمراد بالغايتين الطرفان من شرف الأبوين كما يقال
: أصيل الطرفين . خزانة الأدب 7 / 428 .
والشاهد في قوله " قد بلغا في المجد
غايتاها " فقد جاء المثنى " غايتاها " بالألف وهو مجرور على لغة
بني الحارث بن كعب ، وفيه شاهد آخر في " أبا أباها "فقد استعمل الأب
بالألف مطلقاً أيضاً ، شرح الشواهد للعيني 1 / 131 .
42) البيت من الطويل وهو
لهوبر الحارثي في المحرر الوجيز 4 / 62 ، ولسان العرب ( صرع ) وهو أيضاً من شواهد
تهذيب اللغة للأزهري 6 / 237 ، وسر صناعة الإعراب 2 / 704 ، ومشكل إعراب القرآن 2
/ 466 ، وشرح المفصل لابن يعيش 2 / 86 ، وهمع الهوامع 1 / 146 ، وخزانة الأدب 7 /
425 ، والمعجم المفصل في شواهد اللغة العربية 7 / 444.
قوله : هابي التراب : هو ما ارتفع منه ودق ،
ويقال موضع التراب إذا كان ترابه مثل الهباء.
والشاهد مجئ " أذناه " وهي مجرورة على
لغة من يجعل المثنى بالألف مطلقاً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق